Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

من تراب الطريق (1172)

من تراب الطريق (1172)
رجائى عطية

رجائى عطية

8:24 ص, الأحد, 5 سبتمبر 21

الإمام الطيب والقول الطيب

(4)

يدور المجلد الأول من ثلاثية «القول الطيب» حول ستة محاور رئيسية:

(1) ومضات عقدية و(2) الفتوى وما إليها (3) فى التجديد وما إليه (4) أزهريات (5) فى ذكرى المولد النبوى الشريف (6) فى ذكرى ليلة القدر.

ومضات عقدية

يبدأ الدكتور الطيب هذه الومضات، برأى يراه فى تدريس مادة العقيدة فى الجامعات الإسلامية، وتستطيع أن ترى فى الومضة الأولى أن الدراسة فى الأزهر كانت تتسع من البدايات لجميع المذاهب، وكان فى إستمارة الالتحاق خانة للمذهب الذى يعتنقه طالب التعليم، مما ينبئ عن اتساع الأزهر والتعليم فيه لجميع المذاهب.

وكان الطلاب يتلقون فى علم التوحيد أن أهل السنة هم الأشاعرة والماتريدية، ولكن دون زعم بأنهم وحدهم أهل التوحيد، بل يسمع الطلاب إلى جوارهم مذهب المعتزلة وغيره، ورغم انتصار كلٌّ لمذهبه، إلاَّ أنه لم يكن يكفر غيره أو يخرجه من ربقة الإسلام.

واستمر هذا التلاقح المذهبى حتى عم أركان الهيئات العلمية، فكانت كلية آداب جامعة الإسكندرية تمثل المدرسة الأشعرية بقيادة الأستاذ الدكتور على سامى النشرتى المتوفى 1980، وكلية دار العلوم بالقاهرة تمثل مدرسة المعتزلة بقيادة الأستاذ الدكتور محمود قاسم المتوفى 1973، وجامعة الأزهر تحرص على المذاق الأشعرى والصوفى بقيادة الأستاذ الدكتور عبد الحليم محمود. ومع هذا التنوع لم يسمع أحد تبادل التكفير أو التفسيق أو التبديع بين أبناء تلك المدارس، بل كنت ترى فى عضوية لجان مناقشة الرسائل العلمية مشاركة بين أبناء هذه المذاهب والمدارس، فى مودة وإخاء، فى جو مفعم بالأخوة العلمية والزمالة الأكاديمية.

إلاَّ أن هذا الانفتاح المذهبى المتوارث، جعل ينحسر، لاسيما فى الأزهر، بسبب انتشار ورواج مذاهب وافدة أريد لها أن تكون المتحدث الرسمى للدين الإسلامى، ثم سَرْعان ما خرج هذا الرواج والانتشار إلى المستوى الشعبى، حتى صار يناقَش على المقاهى وفى الأشرطة الصوتية المسجلة، ترويجًا لمقولات أريد لها أن تكون هى المعبرة عن العقيدة، والأخطر الذى جعل يتفشى أن غيرها ضلال وانحراف، وبعثت مصطلحات خلافية كالتأويل، والتنزيه، والتجسيم، والمجاز، حيث أريد لها أن تكون فواصل حاجزة بين أهل الإيمان وأهل الضلال.

ولم تكن المشكلة فى مادة هذه المدارس التى صارت متصارعة، فالمادة كلها من التراث، ولكن شجرت المشكلة، فى أن دعاة كل مذهب لم يقنعوا بتقديمه على أنه مذهب من المذاهب، بل جعلوا يستميتون فى تقديمه على أنه هو الإسلام، وغيره ضلال !

وهنا فيما يشير الإمام الأكبر، مكمن الخطر.. إذ مع ترويج كل مذهب لنفسه ونشر وتسويق دعوته، بما يملك من الإمكانيات والأدوات، لم يعد مأمونًا أن يقسم الجماهير إلى أقسام يكفر كل منها سواه.

وهنا الكارثة الحقيقية ! فما هو الحل؟

www. ragai2009.com

[email protected]