خبراء ومحللو بنوك استثمار يجمعون على رفع أسعار الفائدة فى اجتماع «المركزي» المقبل

من 2 إلى 4%

خبراء ومحللو بنوك استثمار يجمعون على رفع أسعار الفائدة فى اجتماع «المركزي» المقبل
جريدة المال

محمد علواني

إيمان أشرف

8:44 ص, الخميس, 15 ديسمبر 22

قال خبراء ومحللو بنوك استثمار إن جميع الشواهد تصب فى مصلحة رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى المقرر انعقاده 22 ديسمبر المقبل.

وتوقعوا فى تصريحات خاصة لـ«المال» أن تتراوح نسب رفع أسعار الفائدة من 2 إلى %4 على الإيداع والإقراض، وفقًا لمجموعة من الأسباب التى يرونها ربما تدفع فى هذا الاتجاه، منها على سبيل المثال وصول معدل التضخم الأساسى إلى %21.5 خلال نوفمبر الماضي، لافتين إلى أن رفع الفائدة وحده لا يكون مناسبًا للخروج من هذه الأزمة ااقتصادية التى تتمثل فى صدمة فى جانب عرض من الأساس.

ورجحوا طرح البنوك الحكومية شهادات وأوعية ادخارية جديدة بعائدات مرتفعة ربما تتخطى حاجز الـ%20 استجابة لتلك الزيادة، مشددين على أهمية العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، والسعى إلى اجتذاب رؤوس الأموال الخليجية؛ إذ إن التأخر فى هذه التدفقات قد يكون ذا عواقب وخمية، وربما يحمّل الاقتصاد كُلفة باهظة.

«الفقى»: دخول أول شريحة من قرض الصندوق سيهدئ أوضاع العملة فى السوق السوداء

وقال الدكتور فخرى الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إنه من المتوقع رفع البنك المركزى لسعر الفائدة بحوالى %2 لاحتواء زيادة الأسعار، ولأن تحرير سعر الصرف تسبب فى صعود السيولة فى جسم الاقتصاد على حد تعبيره، مضيفاً أن الأمر فى النهاية متروك لقرار لجنة السياسة النقدية.

وأضاف «الفقى»، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أنه من المتوقع أن تطرح البنوك شهادات ادخارية بعائد مرتفع، ربما يصل من 18 إلى %20 لافتًا إلى أن طرح شهادة ادخارية بعائد %18 على 3 سنوات، سيكون مغريًا أكثر لجذب المزيد من العملاء، على أن يُدفع هذا العائد على نطاق شهري.

وأشار إلى أنه مع دخول أول شريحة من قرض الصندوق إلى خزائن البنك المركزي، والتى تقدر بحوالى 1.5 مليار دولار، سيعمل على تهدئة وضع العملة الأجنبية فى السوق السوداء.

من جانبه، توقع هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أن تقوم لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها القادم 22 ديسمبر الحالي، برفع سعر الفائدة من 2 إلى %4.

وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أنه من المتوقع أن تطرح البنوك الحكومية شهادات مرتفعة العائد ربما تتخطى %20.

وتوقعت منى بدير، الخبير المصرفى ومحلل الاقتصاد الكلى بأحد البنوك الخاصة، أن تقوم لجنة السياسات النقدية فى البنك المركزى المصري، فى اجتماعها المقبل، بتثبيت سعر الفائدة.

وأضافت، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن رفع أسعار الفائدة سيحمّل الاقتصاد الكثير من العواقب والتبعات غير المحمودة.

ورأت منى بدير أن البنك المركزى رفع بالفعل سعر الفائدة عندما ألغى المبادرات المدعومة.

وتوقف البنك المركزى عن منح أى تمويل أو أى استخدام جديد فى إطار مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 على أن يتم سداد رصيد المستخدم فى إطار المبادرة تدريجيًا وفق لأجال التسهيلات الائتمانية المتاحة.

وأشارت إلى أن فاعلية السياسة النقدية فى دعم الجنيه سوف يكون محدودًا، موضحة أن رفع أسعار الفائدة سوف يواجه بالكثير من التحديات المرهونة بالاقتصاد العالمي.

وأفادت أن التأخر فى التدفقات النقدية القادمة من بعض دول الخليج العربى فضلًا عن تأخر اسثمارات الأجانب سوف يؤثر سلبًا على الأوضاع الاقتصادية ككل، لافتة إلى أن تكلفة التثبيت ستكون محتملة أكثر مما لو لجأت لجنة السياسة النقدية إلى رفع سعر الفائدة.

وتابعت أن المؤشرات العامة ستتضح أكثر فى حال إعلان البنك المركزى عن مستهدفاته للتضخم خلال الفترة القادمة.

وأعلن البنك المركزى بلوغ التضخم الأساسى فى مصر %21.5 على أساس سنوى فى نوفمبر 2022 مقابل %19 فى أكتوبر 2022.

وأوضح «المركزى» أن الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، سجل معدلًا شهريًا بلغ 2022، مقابل %2.7 فى نوفمبر، مقابل %0.5 لذات الشهر من العام السابق.

وعلى صعيد طرح الأوعية والشهادات الادخارية الجديدة، لفتت منى بدير، إلى أنه من المستبعد أن يتم طرح شهادات بعوائد أعلى من الموجودة حاليًا، موضحة أن من شأن هذا أن يحمل البنوك الكثير من التكلفة.

من جانبه، قال ماجد فهمي، رئيس بنك التنمية الصناعية سابقًا، إنه من المتوقع أن يتم رفع سعر الفائدة، فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، بواقع 200 نقطة أساس.

وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«المال» أن هناك الكثير من المؤشرات التى تدفع فى هذا الاتجاه، مثل زيادة معدل التضخم، موضحًا أن رفع سعر الفائدة أحد اشتراطات صندوق النقد الدولى لمنح مصر القرض.

وتابع أنه قد يكون هناك مسعى، فى ظل هذه الظروف، إلى اجتذاب استثمارات الأجانب فى سندات وأذون الخزانة (الأموال الساخنة)، ومن ثم ربما لا يكون هناك مفر سوى العمل على رفع أسعار الفائدة.

وفى سياق متواصل، أفاد رئيس بنك التنمية الصناعية سابقًا، بأنه من المتوقع أن تطرح البنوك شهادات وأوعية ادخارية بعوائد مرتفعة قد تتخطى الـ%20.

ولفت إلى أنه من المتوقع أن يتم الذهاب إلى خيار التعويم الكامل، لا سيما أن هذا أحد مطالب صندوق النقد الدولي، وإن كان لهذا تبعات على المستويين الاقتصادى والسياسي.

وقال أحمد السيد، أستاذ الاقتصاد والتمويل، إنه من المتوقع أن ترفع لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة بنسبة من 1 إلى %2 فى اجتماعها المقبل، مضيفًا أن ارتفاع معدلات التضخم الأساسى -والتى وصلت إلى %21.5 لشهر نوفمبر الماضي- تدفع للمضى فى هذا الاتجاه، إضافة إلى وصول سعر الدولار فى السوق الموازية إلى قيمة مرتفعة، ما يضغط بدوره على الأسعار.

وأضاف «السيد»، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن الفترة القادمة ستشهد اتخاذ عدد من الإجراءات –بخلاف رفع الفائدة– وذلك على غرار انعقاد اجتماع صندوق النقد الدولى للموافقة الأخيرة على إقراض مصر، مشيرًا إلى أن تلك الإجراءات ربما تتمثل فى تحرير كامل لسعر الصرف، مستشهدًا على ذلك بالفجوة الموجودة بين سعر الصرف الرسمى فى البنوك والآخر المتداول فى السوق الموازية، منوهًا بأن ذلك لم يحدث حال دخول تدفقات أجنبية من الخارج على الفور، تعمل على حل أزمة نقص المعروض النقدى من العملة الأجنبية.

وأشار إلى أن استمرار تأخير اتخاذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي، قد تتسبب فى إحداث فرق بين السعرين الرسمى والموازى فى الاقتصاد.

وتوقع أن اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل سينعقد فى ميعاده، فالأمر لا يستدعى انعقاد اجتماع استثنائى على حد تعبيره، متوقعًا أن يتم طرح شهادات ادخارية بمعدل عائد ربما يصل من 19 إلى %20.

وكانت البنوك قد طرحت شهادات ادخار يمتد آجالها إلى 3 سنوات ذات عائد مرتفع، بلغ %17.25 سنويًا، وذلك عقب قرار البنك المركزى الأخير برفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس، (%2) على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، ليصل إلى %13.25، %14.25، %13.75 على الترتيب.

وفى حديث عن القيمة الحقيقية للدولار فى السوق، أفاد أستاذ الاقتصاد والتمويل قائلًا: «قبل قرار البنك المركزى بتحرير سعر الصرف كانت جميع المؤشرات تُسعر الدولار بحوالى 25 جنيه، فما حدث فى هذا الشهر الفارق، منذ اتخاذ قرار التحرير فى 27 أكتوبر الماضي، لا يستدعى وصول قيمة العملة الأجنبية إلى 30 جنيهًا أو أكثر»، مفسرًا سبب ارتفاع سعر الدولار إلى هذا الحد فى السوق الموازية، بعدم وضوح استراتيجية التدبير “الكامل” للعملة الأجنبية فى الفترة المقبلة، بخلاف قرض صندوق النقد الدولي.

وأكد أن معدلات التضخم ستشهد حدوث استقرار خلال فترة من 6 أشهر إلى عام على الأكثر.

وحث الدكتور أحمد السيد على ضرورة اتباع الشفافية فى تلك الفترة، وهذا ما يطلبه المستثمرون الأجانب، مشيرًا إلى أن قرار تحرير العملة ليس نهاية المطاف، بل بدايته، ومن ثم لا بد من الإعلان عن استراتيجية واضحة لأكثر من جانب: الصادرات مع وضع جدول زمنى صارم، الاستثمار الأجنبى المباشر، وأخيرًا التفكير فى خفض أعباء الديون الخارجية، بدلًا من الاهتمام فقط بتجميع الموارد من الخارج.

ولفت إلى أن هناك مبادرات من مؤسسات دولية تعطى إمكانية تأجيل المستحقات المالية على بعض الدول لفترات زمنية، أو إسقاط جزء منها، بهدف تقليل الضغط على العملة الأجنبية، مؤكدًا أن هذه المبادرات أصدرت تسهيلًا لبعض الدول التى تعانى من مخاطر التعثر، لتأثر اقتصادها بالأحداث الخارجية كالحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك لأن حدوث تعثر لأى دولة عن سداد مديونيتها، سيؤثر بالطبع على باقى الدول.

وقال الدكتور أحمد شوقي، عضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن ارتفاع معدلات التضخم كان متوقعًا، نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية ومواد الطاقة عالميًا وانخفاض قيمة الجنيه.

وأضاف «شوقى»، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن الهدف الأساسى للجنة السياسة النقدية هو احتواء معدلات التضخم فى الأجل القصير والمتوسط، مضيفًا أن هناك فرقًا بين معدل التضخم الذى وصل إلى %21.5 لشهر نوفمبر الماضي، وبين معدل العائد على شهادات الادخار %17.25 متوقعاً -بناءً عليه- زيادة معدلات الفائدة بحوالى %2 لتغطى هذا الفرق البالغ نحو %4 بين التضخم والعائد على أموال المودعين، وحفاظًا عليها من تآكل الأسعار.

وأكد «شوقى» أن رفع الفائدة وحدها لم تكن الأداة المؤثرة بشكل رئيسى فى احتواء معدلات التضخم، معللًا ذلك بأن الأزمة الاقتصادية الحالية هى فى جانب العرض من الأساس وليس جانب الطلب، وبناء عليه لا بد من العمل على زيادة الإنتاج من ناحية، وخفض الاستهلاك من ناحية أخري.

وفى إشارة إلى إمكانية حدوث خفض آخر لقيمة العملة المحلية فى الأيام المقبلة، توقع الدكتور أحمد شوقى حدوث ذلك، مفسرًا باستمرار وجود فجوة سالبة فى حساب المعاملات الجارية وميزان المدفوعات، ما يسبب ضغطًا على موارد الدولة من الدولار، مضيفًا أنه كلما استمر هذا العجز نتوقع تلقائيًا انخفاضًا فى قيمة الجنيه.

يذكر أن عجز ميزان المدفوعات سجل 10.5 مليار دولار، كله تقريبًا خلال النصف الثانى من السنة المالية 2022، إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتبعاته على الاقتصاد المصري، إضافة إلى عجز الحساب الجارى الذى قُدر بنحو 16.6 مليار دولار، خلال السنة المالية 2022-2021، وفقًا لأحدث بيانات صدرت عن البنك المركزى المصرى فى النشرة الإحصائية الشهرية لشهر أكتوبر الماضي.

وقال «شوقى» إن سعر الصرف الموازى فى السوق السوداء يكون أعلى من الرسمى بحوالى من 10 إلى %20 لافتًا إلى أن الاقتصاد المصرى سبق له، وأن مر بأزمة مشابهة للأزمة الحالية مثلما حدث فى 2016، ولكن الأزمة الاقتصادية الحالية أعمق، لأن العوامل المؤثرة خارجية من الأساس.

وحث «شوقى» المواطن على أن يعمل على خفض استهلاكه فى الفترة المقبلة، إضافة إلى زيادة دخله من أكثر من مصدر، مشيرًا إلى أهمية النهوض بالمنتج المحلي، والتصدير، وقطاع السياحة، إذ اعتبرها من القطاعات الجاهزة لاجتذاب عملات أجنبية.