العالم يصطدم بأكبر موجة إضرابات منذ عقود

صيف ساخط وشتاء مخيف

العالم يصطدم بأكبر موجة إضرابات منذ عقود
جريدة المال

محمد عبد السند

أحمد فراج

أيمن عزام

6:29 ص, الثلاثاء, 6 سبتمبر 22

بعد عقود طويلة من الهدوء والاستسلام لهيمنة رأس المال، وجدت الطبقة العاملة نفسها فى قلب أزمة عميقة نالت من أجورها المنخفضة أصلا، وفاقمت الضغوط المفروضة عليها لمواصلة العيش الآمن.

انفجر التضخم فى أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وتسابقت البنوك المركزية حول العالم فى رفع أسعار الفائدة كحل كلاسيكى لطالما تجاهل ظروف العمال وأجورهم التى ضربها الانكماش، وقيد فرصهم فى الحصول على وظائف أخرى مجدية.

وكضحية رئيسية لما يحدث، بدأت الطبقة العاملة إعادة تنظيم صفوفها مطلقة واحدة من أكبر الإضرابات منذ عقود، ومتجاهلة مخاوفها الأساسية التى كبلتها دوما، وهى المنافسة المتزايدة بينهم بسبب حرية تنقل رأس المال فى جميع أنحاء العالم، والتهديد بأن ينقل رجال الأعمال أنشطتهم إلى أسواق ذات أجور منخفضة.

من بريطانيا إلى إسبانيا واليونان وبلجيكا وألمانيا وفرنسا، وحتى أمريكا الشمالية واللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا، أطلق العمال إضرابات عديدة على مدار الفترة الماضية للمطالبة بأجور أعلى تعوض التضخم الرهيب الذى اكتسحها.

وبينما تتزايد نيران الإضرابات اشتعالا، يرى مراقبون أن السخط الذى عم العالم هذا الصيف، لن يكون سوى جزء يسير من إضرابات أخرى ستتفاقم فى الشتاء المخيف القادم، حيث الطاقة أقل والفائدة أعلى والبطالة والركود ينخران جسد العالم.

الظروف الاقتصادية المعقدة وضعتها فى قلب النقاش السياسى

النقابات العمالية..هجمة مرتدة لاستعادة النفوذ

بدأت الهواجس المخيفة لدى العمال منذ جائحة كورونا، وما رافقها من تسريحات للموظفين إثر تراجع الطلب فى عدة قطاعات خدمية.

وأثارت تلك الهواجس الرغبة لدى الطبقة العاملة للبحث عن تكتلات تحميها من تهور أصحاب العمل وتوفر لها الخبرة الكافية للتفاوض وانتزاع الحقوق.

وسرعان ما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، وتبعها سلسلة من صدمات الأسعار التى أيقظت روح النضال لزيادة الأجور، ووفرت البيئة المثالية للنقابات من أجل استعادة نفوذها.

وهيأت الظروف الاقتصادية الصعبة فى ظل الحرب، الفرصة للنقابات العمالية من أجل الانخراط فى النقاش السياسى حول الطريقة المثلى لإدارة الأزمة.

وفى بريطانيا، عادت الآمال مجددا إلى النقابات العمالية لاسترداد سطوتها وهى ترى أن موجة الإضرابات العمالية أضحت حمى تجتاح البلاد.

وقادت نقابة العاملين فى السكك الحديدية والنقل البحرى والنقل فى يونيو الماضى أكبر إضراب شهدته بريطانيا خلال 30 عاما.

وأثناء هذه الإضرابات زادت بثمانية أضعاف أعداد زيارات أداة على الإنترنت مختصة بمساعدة العمال على العثور على نقابة لهم، وفقا لكيفين روان، رئيس اتحاد مؤتمر النقابات التجارية.

وفى بلدان أخرى أيضا، بحسب تقرير لصحيفة إيكونومكس تايمز، تنامى اهتمام العمال بتنظيم صفوفهم والدخول فى مفاوضات مع أصحاب العمل.

فى الولايات المتحدة، شهدت الحركة العمالية طفرة ظهرت مؤشراتها مع إقبال الموظفين لدى شركات مرموقة مثل أمازون وستاربكس على تشكيل النقابات.

وفى أوروبا، اتسع نطاق النزاع بخصوص الأجور، حيث طالبت أكبر نقابة عمالية فى ألمانيا، آى.جى ميتال، بزيادة أجور ما يزيد على 3.8 مليون عامل، ودخل عمال شركات الطيران فى إضرابات بغية زيادة الأجور.

ظروف ملائمة للبدء بالإضراب

وقال هارى كيرتز، مدير معهد شاينمان بجامعة كورنيل، إن سوق العمل المتسم بتراجع معدلات البطالة وتزايد أعداد فرص العمل يهيئ الظروف الملائمة لبدء العمال بالإضراب.

وأضاف:« يستطيع العمال بسهولة أكبر العثور على وظائف بديلة، بما يعزز فرص نجاحهم فى تحقيق مطالبهم إذا قرروا الدخول فى الإضراب».

وأوضح أن تسريح العمال بلا سابق إنذار والظروف الصحية المرتبطة بالجائحة أججت الغضب فى نفوس الكثير من العمال.

ولكى تتمكن النقابات من زيادة أعداد المشتركين فى عضويتها، بحسب روان، ينبغى عليها تحسين ظروف العمل وأجور العمال، إذ أن تنظيم الإضرابات ليس هو المهمة الوحيدة المنوطة بها.

وكشف روان عن سلسلة نجاحات حققتها النقابات، منها التمكن من زيادة أجور العمال فى شركات القطاع الخاص، مثل شركة كادبرى التى شهدت زيادة بنسبة %17.5 فى الأجور على مدار عامين.

عدم امتلاك القدرة على التفاوض

لا يشترك فى النقابات العمالية سوى %12.8 من العاملين فى القطاع الخاص ببريطانيا حتى عام 2021، مقارنة بنسبة %50.1 فى القطاع العام، بما يعنى أن الغالبية العظمى من العمال لا يمتلكون القدرة على التفاوض.

وتأسست نقابة أصوات العالم المتحدة (UVW) التى تضم 5 آلاف عامل عام 2014 بغية التغلب على تضرر العمال، خصوصا اللاجئين منهم، من تراجع الحد الأدنى للأجور وسهولة تسريحهم.

وكشف بيتروس إيليا الأمين العام لنقابة أصوات العالم المتحدة النقاب عن أن العمال الأكثر احتياجا لعضوية النقابات هم الأقل تمثيلا فيها.

وتضم هذه الفئة المهمشة من العمال عمال النظافة والحراس والسائقين العاملين فى مجال توصيل الطلبات.

وأردف: «هؤلاء هم الأشخاص الذين تخفيهم الحركة العمالية بعيدا عن الأنظار أعدادهم كبيرة للغاية، لكن الحركة النقابية ينبغى أن تبدأ فى التحدث إليهم».

عقبات فى الطريق

تواجه النقابات مشكلة تتمثل فى تزايد أعمار الأعضاء، حتى فى البلدان التى تتمتع بحركات عمالية أكثر قوة.

وبحسب اتحاد التجارة الأوروبية، هوت بشكل ملحوظ نسبة الأشخاص المنضمين لأحد النقابات العمالية ممن تقل أعمارهم عن 25 عاما، مما ساهم فى انكماش النقابات العمالية.

من جهة أخرى، يشير المحللون أيضا إلى أن القوانين المحيطة بالنقابات تتحكم كثيرا فى قدرتها على تنظيم نفسها.

وبحسب اتحاد النقابات التجارية الدولية، تعيق 4 من بين كل 5 بلدان فرص تمكين العمال من التفاوض مع أصحاب العمل.

وترفض أكثر من ثلاثة أرباع البلدان منح العمال الحق فى تأسيس نقابة والانضمام إليها.

وقال نيل تود، خبير النقابات العمالية، إن النقابات بات يتعين عليها تلبية متطلبات قانونية معقدة إذا رغبت فى إجراء تغيير يصب لصالح عمالها.

وتابع:« يتجه النظام الحالى برمته صوب حماية أصحاب العمل على حساب العمال، هذا التوجه يتزايد، للأسف، ويتطور من سيء إلى أسوأ».

ويعنى هذا أن الحديث عن صحوة فى النقابات العمالية هو أمر سابق لأوانه إلا إذا زادت عضوية النقابات بشكل ملموس على المدى الأبعد، بحسب المحللين.

حقبة «الهدوء الغامض»

سر العلاقة الودية بين التضخم والإضراب منذ التسعينيات

فى سعيهم لتضييق الخناق على التضخم، عاد محافظو البنوك المركزية إلى سياساتهم القديمة، والتى تتبنى أولا وقبل كل شيء رفع أسعار الفائدة وانتظار ارتفاع البطالة حتى يتسنى السيطرة على الأسعار.

وبحسب تحليل نشرته «إنفستمنت مونيتور»، فإن النموذج الأساسى الكامن وراء هذه «السياسة البديهية» هو منحنى فيليبس، والذى يفترض وجود علاقة عكسية بين البطالة وزيادة الأسعار.

عندما تنخفض معدلات البطالة، وفقا لتلك النظرية، يصبح لدى العمال القدرة على المساومة للمطالبة بأجور أعلى، مما يؤدى إلى ارتفاع تكاليف الشركات، التى تقوم بدورها بنقل تلك التكلفة إلى المستهلكين فى صيغة زيادة فى الأسعار.

ولكن، حتى بضعة أشهر مضت، بدا أن «منحنى فيليبس» نظرية «على فراش الموت»، إذ منذ تسعينيات القرن الماضى، لم يكن للتضخم علاقة تذكر بالبطالة.

وأصبح هذا اللغز أكثر وضوحًا فى العقد الذى أعقب الأزمة المالية العالمية، عندما اقترن الانخفاض المذهل فى معدلات البطالة بالتضخم المتدنى، لدرجة أن العضو السابق بلجنة «الفيدرالى الأمريكي» دانييل تارولو، قال عام 2017 إنه لا يوجد فى الوقت الحالى نظرية لديناميكيات التضخم تفسر الوضع بشكل منطقى وتفيد فى صناعة السياسة النقدية.

لكن الأسئلة التى أثيرت حول منحنى فيليبس خلال العقد الماضى أصبحت أكثر أهمية من أى وقت مضى، خاصة فى ظل عودة محافظى البنوك المركزية إلى الأساليب القديمة.

وقد كانت هذه الأسئلة موضوع ورقة بحثية حديثة قام بها اثنان من الباحثين الاقتصاديين فى الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، واللذين حاولا استخلاص الأسباب الكامنة وراء زوال منحنى فيليبس منذ الثمانينيات.

وما وجدوه هو أن النموذج كان يفتقر إلى متغير حاسم (النقابات العمالية).

يرى الباحثان أنه عندما تكون النقابات العمالية أضعف، فإن العلاقة بين البطالة والتضخم تكون كذلك.

والمنطق بسيط بما فيه الكفاية، البطالة المنخفضة تزيد من قدرة العمال على المساومة، لكن النقابات هى التى تدرك هذه القوة التفاوضية وتترجمها إلى نضالات واتفاقات مرضية لرفع الأجور.

ويرى الباحثان، أنه إذا كانت النقابات والشركات متقاربة فى قوتها التفاوضية، فسيحدث التضخم، إذ يمكن للشركات التى تواجه نقابات قوية فى ظل القليل من المنافسة فى السوق، أن تحافظ على ربحيتها عن طريق رفع الأسعار.

ثم لاحقا، ترد النقابات ثانية مطالبة بزيادة الأجور لتعويض التضخم، وتستمر دورة ارتفاع الأسعار.

قبل وصول الرئيس الأمريكى رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر إلى السلطة فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كانت النقابات والشركات متكافئة فى قوتها تقريبًا على جانبى المحيط الأطلسى، مما أدى بالضبط إلى هذا النوع من دوامة الأجور والأسعار.

لكن خلال ثمانينيات القرن الماضى وما بعدها، تكاتفت التشريعات المناهضة للنقابات إلى جانب صعود العولمة وحرية رأس المال، وحولت دفة القوة بشكل ساحق نحو الشركات.

الغضب يجوب القارات

«النقل» و «اللوجستيات» و«التعليم» و«الصحة» أكثر القطاعات تأثرا

بدت قطاعات النقل واللوجستيات والتعليم والصحة أكثر القطاعات تأثرا بالإضرابات التى عمت العالم فى الآونة الأخيرة.

ورصد موقع «ذا وورلد سوشاليست» جزءا من الإضرابات والاحتجاجات العمالية التى شهدها العالم مؤخرا، وجاءت على النحو التالى:

أوروجواى: المعلمين

فى 23 أغسطس الماضى، نظم المعلمون إضرابًا وطنيًا فى أوروجواى احتجاجًا على تخفيضات الميزانية فى التعليم ومشروع حكومى لإصلاح التعليم.

أمريكا: الممرضات

تخطط الآلاف من الممرضات الأمريكيات فى ولاية مينيسوتا، للدخول فى إضراب عن العمل فى وقت لاحق من سبتمبر الحالى.

كندا: أطقم قاطرات الموانئ

قام قباطنة ومهندسون فى كولومبيا البريطانية، بإضراب يوم 25 أغسطس ضد Seaspan، أكبر شركة لرسو السفن والقاطرات على الساحل الغربى لكندا.

جنوب إفريقيا: عمال مصنع أغذية

بدأ عمال بجنوب إفريقيا فى العلامة التجارية (Piemans) التابعة لشركة (RCL Foods) إضرابًا فى 25 أغسطس للمطالبة بزيادة الأجور.

نيجيريا: الجامعات

رفض المحاضرون فى جامعات نيجيرية الإرهاب الحكومى للعودة إلى العمل، ومن المقرر أن يواصلوا إضرابهم إلى أجل غير مسمى.

ناميبيا: عمال السكك الحديدية

مع استمرار إضراب عمال السكك الحديدية فى ناميبيا، طلب أرباب العمل فى «ترانس ناميب» من قادة النقابات بدء محادثات لضمان العودة إلى العمل.

بريطانيا: الصحفيين

خرج الصحفيون فى جريدتى «ديلى ميل» و«ديلى إكسبرس» فى مسيرة احتجاجية فى 30 أغسطس الماضى بسبب الأجور، على أن يلى ذلك إضراب فى الفترة من 14 إلى 15 سبتمبر.

هولندا: عمال النقل الإقليمى

بدأ عمال النقل المحليون فى هولندا سلسلة من الإضرابات الإقليمية المتتالية اعتبارا من اليوم 6 سبتمبر ولمدة أربعة أيام.

إيطاليا: عمال الموانئ

نظم عمال ميناء تريستى الإيطالى إضرابًا فى 27 أغسطس، لمنع نقل قطع الغيار من قبل (Wärtsilä)، وهى شركة فنلندية أعلنت مؤخرًا أنها ستلغى 450 وظيفة فى مصنعها بتريستى.

المجر: المعلمين

دخل المعلمون فى جميع أنحاء المجر فى إضراب بسبب الأجور رغم تهديدات الحكومة السابقة بأن الإضراب «غير قانونى».

فرنسا: عمال دور الحضانة

نظم المساعدون المتخصصون فى دور الحضانة إضرابا وطنيًا لمدة يوم واحد فى 31 من أغسطس المنصرم.

صربيا: المعلمين

نظم المعلمون فى صربيا إضرابات جزئية فى الـ 31 من أغسطس المنصرم، تزامنا مع اليوم الأول من العام الدراسى الجديد.

بولندا: المعلمين

بدأ المعلمون فى بولندا العام الدراسى الذى انطلق فى 31 أغسطس بالإضراب، علما بأن معدل التضخم يبلغ %16.

لبنان: عمال الاتصالات

شهد لبنان عمليات إغلاق للإنترنت فى جميع أنحاء البلاد، حيث انسحب موظفو شركة الاتصالات الحكومية «أوجيرو» احتجاجًا على رفض الشركة تعديل أجورهم.

حملات جماعية للامتناع عن سداد الفواتير والقروض

«لا أستطيع الدفع».. المستهلكون يعيدون اكتشاف قوتهم

فى خضم الغضب العمالى، عادت من جديد ظاهرة بين المستهلكين وهى تشجيع بعضهم على الإضراب جماعيا عن سداد المدفوعات المختلفة كفواتير الطاقة.

ويعد ظهور هذه الإضرابات عن الدفع دليلا على أن الناس بدأوا فى الاستفادة من القوة الحقيقية الوحيدة التى يمتلكونها ألا وهى قوتهم كمستهلكين، وفقا لتقرير نشرته مدونة «الرأسمالية العارية» (Naked Capitalism) التى تؤرخ لمراحل خفض القدرة التفاوضية للعمال.

وذكر التقرير أنه ردا على الارتفاعات الجنونية فى أسعار الطاقة، دعت حركة شعبية تسمى «لا تدفع فى المملكة المتحدة»، مليونا من مستهلكى الكهرباء البالغ عددهم 28 مليونًا فى المملكة المتحدة إلى مقاطعة شركات الطاقة هذا الخريف.

وتم تأسيس الحملة فى يونيو، وجمعت أكثر من 110 آلاف تعهد بعدم دفع فواتير الطاقة بعد الأول من أكتوبر، ما لم تخفض الحكومة وشركات الطاقة قيمة الفواتير إلى مستويات معقولة.

وأضاف أن الامتناع الجماعى عن الدفع ليس فكرة وليدة، فقد حدثت فى المملكة المتحدة فى أواخر الثمانينيات والتسعينيات.

وأوضح التقرير أن الصين تشهد إضرابًا كاملًا عن سداد الرهون العقارية مما تسبب فى اضطراب المقرضين المحليين والمطورين العقاريين وسط تراجع حاد فى العقارات، مع توقع انخفاض المبيعات بمقدار الثلث هذا العام.

وذكر التقرير أن المدينين فى الولايات المتحدة يهددون بالامتناع عن سداد ديونهم، إذ هدد نشطاء ينتمون إلى تجمع الديون، وهو اتحاد للمدينين خاص بإنهاء ديون الطلاب، بالإضراب إذا لم يف جو بايدن بتعهده بتقديم إعفاء من الديون لـ 45 مليون أمريكى لديهم ديون طلابية.

وانتقل التقرير إلى المكسيك، حيث أعلن السياسيون المحليون فى بويبلا عن خطط لتنظيم تجمعات شعبية لحث المواطنين على التوقف عن دفع فواتير المياه بعد أن وافق مجلس المدينة على السماح لشركة المياه برفع الأسعار.

سلاسل الإمداد العالمية تحت ضغط جديد

أدت موجة الإضرابات العمالية فى موانئ المملكة المتحدة إلى زيادة الضغط على سلاسل الإمدادات التى تعانى اضطرابا، فى الوقت الذى بدأت فيه التعافى من جائحة كوفيد- 19، بحسب تقرير نشره موقع « بوليتيكو» الأوروبى.

وحذر خبراء من أن انتشار الأعمال الاحتجاجية على نطاق واسع سيعيق الاقتصاد المتعثر، وقد يكون له تداعيات سلبية على طرق الشحن القريبة فى وقت حرج، مما يضيف آلاما جديدة إلى الشرايين التجارية العالمية التى تعانى اختناقا.

ووافق أكثر من 500 من عمال الشحن والتفريغ مؤخرا فى رابع أكبر ميناء فى بريطانيا، ميناء بيل فى ليفربول، على تنظيم إضراب بعد تجاهل مطالبهم بزيادة الأجور بنسبة %7.

ويطالب العاملون بزيادات فى الأجور تماشيًا مع التضخم المرتفع الذى تجاوز أكثر من %9، متهمين الرؤساء بعدم زيادة الرواتب منذ عام 2018 والتراجع عن خطة المكافآت المتفق عليها.

موظفو ميناء بيل هم المجموعة الثانية من عمال الموانئ فى المملكة المتحدة الذين أعلنوا عن إضراب خلال أغسطس الماضى، بعد أن أعلن حوالى 1900 عامل فى فيليكسستو، أكبر موانئ البلاد، عن تنظيم إضراب لمدة 8 أيام.

وتوقع مراقبون توقف خدمات شبكة حاويات الشحن العالمية لشركة فيليكسستو بعد انهيار المحادثات مع الرؤساء.

وقال كريس روجرز، الخبير الاقتصادى فى سلاسل الإمداد لدى شركة الشحن فليكسبورت: «تأتى الأعمال الاحتجاجية فى الوقت الذى تبدأ فيه سلاسل الإمداد العالمية فى العمل بشكل أكثر سلاسة».

وأضاف روجرز أن أسعار حاويات الشحن المرتفعة الناجمة عن الجائحة، والتى حفزت التضخم وكذلك الاختناقات التى نشأت مع اندفاع الناس لشراء البضائع أخذت فى التراجع مؤخرا، مما يجعل توقيت الموجة الأخيرة من الإضرابات «مؤسفًا، إذ تأتى فى بداية ذروة موسم الشحن».

وقال روجرز: «من المحتوم أن تتعرض سلاسل الإمدادات فى المملكة المتحدة والتى تعتمد على التجارة العالمية إلى شكل من أشكال الاضطراب».