«الإياتا»: الحكومات لعبت دورا حاسما في بقاء شركات الطيران على قيد الحياة

توقعات بتسليم 1200 طائرة جديدة للشركات هذا العام بزيادة %50 عن 2021

«الإياتا»: الحكومات لعبت دورا حاسما في بقاء شركات الطيران على قيد الحياة
مصطفى طلعت

مصطفى طلعت

10:03 ص, الثلاثاء, 8 نوفمبر 22

يتبنى الاتحاد الدولى للنقل الجوى «الإياتا» رؤية متفائلة لحركة القطاع خلال الفترة المتبقية من العام الحالى وفى عام 2023 انطلاقا من عودة النشاط فى حركة السفر والسياحة بمختلف دول العام وذلك بعد أعوام صعبة خلفتها جائحة كورونا.

«المال» التقت محمد البكرى نائب رئيس الاتحاد الدولى للنقل الجوى لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط – فى حوار خاص وموسع على هامش القمة الدولية للطيران التى انعقدت مؤخرا فى العاصمة القطرية «الدوحة» – للاطلاع على رؤية الاتحاد كاملة خلال الفترة المقبلة.

وكشف «البكرى» عن مجموعة أرقام وإحصائيات تتعلق بتوقعات الاتحاد الدولى للنقل الجوى للصناعة سواء الاستثمارات أو معدلات التكلفة والإنفاق أو مستويات التشغيل أو المؤشرات المالية للقطاع ، وغيرها.

وأكد أن القطاع أثبت مرونة كبيرة فى مواجهة التحديات وبشكل خاص جائحة كورونا والتى وصفها بالأكبر فى تاريخ القطاع، موضحا أن منطقة الشرق الأوسط قدمت شهادة ثقة للعالم فى التعامل مع الأزمات وبشكل خاص من الحكومات التى تفهمت الوضع وفتحت المجالات الجوية.

واستحوذ الجانب الأكبر من لقاء «البكرى» على الحديث عن مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية، انطلاقا من جهود الاتحاد نحو المساعدة فى تنفيذ رؤية قطاع الطيران لعام 2050 والخاصة بالوصول إلى «صفر انبعاثات كربونية» باستخدام الوقود البديل.. وإلى نص الحوار:

بداية، قال «البكرى» إن الحكومات لعبت دورا مستمرا فى دعم قطاع الطيران لكن فى الوقت الذى رفعت فيه بعض الحكومات القيود على السفر مثل الشرق الأوسط وأمريكا وأوروبا وغيرها، هناك حكومات أخرى لم ترفعها مثل بعض دول منطقة آسيا.

وأكد أن غلق الحدود وتوقف الطيران لن يساعد على كبح كورونا، مشيرا إلى أن الفترة الماضية قد أثبتت ذلك، بالتالى نطالب جميع الحكومات برفع كافة القيود.

ويرى أن الحكومات عليها دور فيما يتعلق بوضع إجراءات وسياسات وقوانين أقل قسوة تنهك شركات الطيران التى عانت من الكوارث التى على مدار العامين الماضيين.

وأوضح «البكرى» أن الدور الذى تلعبه الحكومات فى الصناعة منذ أزمة كورونا كانت حاسمة لبقاء العديد من شركات الطيران.

ولفت إلى أن الدعم من الحكومات اتخذ أشكالًا متنوعة، بما فى ذلك ضخ رءوس أموال وقروض وتأجيل دفع الضرائب وخفض التزامات ضريبية.

وقال إن المساعدات الحكومية اتخذت أشكالًا مختلفة لكن تم توزيعها بشكل غير متساو عبر المناطق، وذلك فى محاولة لإعفاء مؤقت لشركات الطيران حتى عودة الطلب على السفر.

وذكر «البكرى» أن الحكومات قدمت أكثر من 100 مليار دولار إجمالى مساعدات لشركات الطيران على مدى العامين الماضيين، بينما بلغت المعونات التى قدمت إلى جميع دول الشرق الأوسط حوالى 7 مليارات دولار فقط.

مرونة فى القطاع

وأكد «البكرى» أن شركات الطيران وبشكل خاص فى منطقة الشرق الأوسط أثبتت قوتها وقدرتها على المرونة فى ظل الأحداث والأزمات التى تعرضت لها الفترة الأخيرة.

وقال إن التوقعات كانت تشير إلى اتجاه كثير من شركات الطيران إلى الإفلاس خلال الفترة الأخيرة بسبب الأزمات المتتالية هو ما لم يحدث حيث إن الشركات التى أغلقت أبوابها وصلت إلى 86 شركة طيران فى 2020-2021 وهى أرقام ضعيفة للغاية مقارنة مع حجم الكارثة، كما أن 86 شركة طيران جديدة خرجت إلى النور خلال هذه الفترة.

وأشار إلى أن هذه الأرقام تثبت أن قطاع الطيران لديه الكثير من المرونة والقدرة على التعامل مع الأزمات بداية من الأزمة المالية العالمية التى ضربت العالم قبل سنوات وحتى جائحة كورونا التى تعد الأكثر تأثيرا فى تاريخ القطاع.

وأوضح «البكرى» أن قطاع الطيران يعد جزءا لا يتجزأ من متطلبات الحياة الأساسية للانسان مثل الماء والهواء لكن قبل 40 أو 50 عاما ماضية كان الطيران وسيلة للترفيه فقط.

صفر انبعاثات

وتطرق الحديث مع «البكرى» عن مجال الاستدامة فى القطاع، مشيراً إلى أن شركات الطيران عليها التزام بتحقيق مستهدفاتها نحو «صفر انبعاثات كربون» Fly Net Zero بحلول عام 2050 مؤكدا أن هذا الالتزام  يتطلب التعاون من الجميع.

وقال إن الوصول إلى «صفر انبعاثات كربون» يحتاج إلى استخدام 60 إلى %65 من وقود الطيران المستدام «المعروف بـSAF» ويبلغ سعره أضعاف الوقود الحالى.

ويعد الوقود SAF» » أغلى بكثير من الكيروسين ويتم شراؤه كعلامة على التزام شركة الطيران بالتخفيف من الآثار البيئية.

وقال «البكرى» إن دور الاتحاد فى الاتجاه نحو «صفر انبعاثات كربون» يتلخص فى دعم البحث والتطوير لوقود الطائرات المستدام، وتنفيذ سياسات تقلل من مخاطر الاستثمار فى مصانع إنتاج «saf» والدخول فى شراكات بين القطاعين العام والعام.

وأكد أن 38 دولة لديها سياسات  لوقود الطيران المستدام «SAF» وأجرت أكثر من 50 شركة طيران رحلات جوية باستخدام مزيج من وقود «SAF» والوقود التقليدى، حيث أجريت أكثر من 450 ألف رحلة جوية باستخدام «SAF».

وتوقع أن يصل عدد الرحلات باستخدام وقود «saf« إلى مليون رحلة بحلول عام 2050 من خلال 11 مسارا، والوصول إلى استخدام 5  مليارات «saf» لتر بحلول عام 2050، والوصول إلى متوسط انخفاض كربون إلى %80.

كما توقع أن يصل معدل مشتريات الوقود المستدام إلى 30 مليار دولار حتى عام 202 موضحا أن تحقيق هذه المستهدفات يتطلب التعاون من الشركات المنتجة لهذا النوع من الوقود، إلى جانب دعم البنوك والمؤسسات المالية، والحكومات، ووكلاء الشحن والمستثمرين والمنظمين على مستوى العالم.

ولفت إلى أن هناك بعض الدول العربية اتجهت لإنتاج الوقود المستدام مثل أبو ظبى، كما أعلنت أمريكا أنها ستدعم الوقود البديل، والطاقات البديلة الخاصة بقطاع الطيران.

وقال إن الاتحاد الدولى للنقل الجوى، بدأ مؤخرا المرحلة التجريبية لأداة «CO2 Connect» التى تعمل على إجراء حسابات دقيقة لكمية الانبعاثات الكربونية والتى تم تطويرها خصيصا لرحلات الشحن الجوى.

كان الاتحاد الدولى للنقل الجوى قد بدأ باستخدام هذه الأداة منذ شهر يوليو الماضى لرحلات المسافرين، مع تسجيل بيانات لكميات الوقود المستهلكة من قبل 57 نوعا من الطائرات، والتى تمثل نحو %98 من الأسطول العالمى لطائرات السفر الجوى المستخدمة حاليا.

وتنتج شركات الطيران حوالى 2 إلى %3 فقط من إجمالى الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى.

وأشار «البكرى» إلى أن مؤسسات التمويل الدولية المعنية بالاستدامة ودعم البيئة عليها دور كبير، كما أن مؤتمر قمة المناخ «cop27» الذى تستضيفه شرم الشيخ حاليا عليه أن يخرج بتوصيات فى هذا الاتجاه وعلى حكومات الشرق الأوسط أن تعلن خلال هذه القمة أنها ستستثمر مبالغ طائلة فى هذا الاتجاه.

وأوضح أن غالبية الدول تسعى فى مسألة الوقود المستدام أو البديل فى الطائرات لكن لا يجب أن تكون المسألة مقتصرة على دولة واحدة فقط، فالعملية يجب أن تكون متكاملة على مستوى العالم لإنتاج هذا الوقود.

وأشار إلى أن توقعات الاتحاد تعتمد على عدة افتراضات أبرزها تحقيق معدل نمو إجمالى فى الناتج العالمى قدره %3.4.

ولفت إلى أن الافتراضات تعتمد أيضا على ارتفاع سعر الدولار مقابل معظم العملات الأخرى، وأن يبلغ متوسط سعر وقود الطائرات عند 125.5 دولار للبرميل 2022.

وتوقع أن تصل قيمة التجارة الدولية المشحونة جوا هذا العام إلى حوالى 8.2 تريليون دولار مقابل 7.5 تريليون فى 2021.

وتابع: «من المتوقع أن يسافر  السياح عن طريق الجو فى عام 2022 لإنفاق 672 مليار دولار لكنها لا تزال تمثل فقط حوالى %80 من مستوى ما قبل أزمة كورونا فى 2019».

فاتورة الطيران

وعلى الصعيد ذاته، قال «البكرى» إن فاتورة وقود شركات الطيران قد ارتفعت بنسبة %30 تقريبًا خلال  الفترة الأخيرة، موضحا أن الوقود يعد واحدا من أهم بنود التكلفة التشغيلية لشركات الطيران، وعادة ما يستحوذ على %25-20 من إجمالى التكلفة.

وأوضح أن اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا أدى إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية مع تداول نفط خام برنت بسعر 120 دولارا للبرميل فى 2 يونيو 2022.

ولفت إلى أن انخفاض الاستثمار فى الوقود النفاث سيجعل الأسعار مرتفعة لكن هذا لن يؤثر على عطش الناس للسفر.

وقال إن مزودى خدمات الملاحة الجوية والمطارات جزء مهم من الصناعة وكلاهما قد عانى ماليا إلى جانب شركات الطيران أثناء فترة جائحة كورونا.

وأوضح أن مقدمى الخدمة الذين يتمتعون بقوة تسعير ضخمة قد يسعون إلى التعافى من بعض خسائرهم المالية من خلال رفع الرسوم على شركات الطيران.

توزيعات الأرباح والخسائر

وتوقع «البكرى» أن يتحسن الأداء المالى للقطاع فى جميع المناطق  بنهاية عام 2022 مقارنة مع 2021 لكن مع ذلك  سيستمر القطاع فى تحقيق خسائر صافية حتى نهاية العام.

ورجح أن تظل منطقة أمريكا الشمالية هى الأقوى أداء والمنطقة الوحيدة التى تعود للربحية فى 2022 مدعومة من السوق المحلية الأمريكية الكبيرة وفتح أسواق إضافية فى جميع أنحاء العالم ، بما فى ذلك شمال الأطلسى، بصافى ربح متوقع قد يصل إلى 8.8 مليار دولار.

وأكد أن استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا له تأثيره على السوق الأوروبية من ناحية وبين أوروبا ومنطقة آسيا من ناحية أخرى، مستبعدا أن يعرقل النزاع تعافى السفر، مع توقع خسارة صافية قدرها 3.9 مليار دولار.

ولفت إلى أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تفرض قيود سفر صارمة ودائمة (لا سيما فى الصين)، ومن المتوقع أن تنخفض الخسائر فى عام 2022 إلى 8.9 مليار دولار.

أما فى منطقة أمريكا اللاتينية، فقد انتعشت أحجام حركة المرور بقوة فى عام 2021 ، بدعم من الأسواق المحلية وقيود سفر أقل، ومن المتوقع أن يسجل صافى خسارة قدرها 3.2 مليار دولار هذا العام.

وفى الشرق الأوسط ، من المتوقع أن تقل الخسائر الصافية على مستوى المنطقة إلى 1.9 مليار دولار فى عام 2022 ، من 4.7 مليار دولار العام الماضى.

وفى إفريقيا، أدى انخفاض معدلات التطعيم إلى إضعاف المنطقة ومن المتوقع أن يبلغ صافى الخسائر 0.7 مليار دولارفى 2022.

الاستثمارات

وأكد «البكرى» أن شركات الطيران لا زالت تستثمر بشكل جيد فى تجديد أساطيل الطائرات وإعادة تهيئة الكوادر البشرية وبناء الشبكات بعد توقف الصناعة لعامين وتشغيل.

وقال إنه من المقرر أن تستلم شركات الطيران أكثر من 1200 طائرة هذا العام، معظمها ذات مساحات صغيرة، مشيرا إلى أن هذا الرقم ارتفع بحوالى %50 مقابل 800 فى عام 2020.

ولفت إلى أن إجمالى حجم الطلب على نقل الركاب فى مصفات الشحن الجوى قد تجاوزت الأرقام التى وصلت إليها قبل عام 2019 نتيجة التعطش التى كان عليها العالم بعد توقف طويل.

وأوضح «البكرى» أن الشحن الجوى يستحوذ على %13 تقريبا من إجمالى الشحن على مستوى العالم، كما أن أكثر من %35 من التجارة العالمية يتم نقلها من خلال الطيران.

وتوقع أن يصل أعداد المسافرين والحمولات فى منطقة الشرق الأوسط إلى مستويات عام 2019 وذلك بنهاية العام الحالى، وأن تتجاوز تلك المعدلات خلال عام 2023.

ورجح أن تصل خسائر قطاع الطيران بالقرب من 10 مليارات دولار بنهاية العام الجارى مع الوصول إلى نقطة المعادلة ووقف النزيف بحلول العام -2023 2024.

وقال إن قطاع الطيران يعد من الموارد المهمة لاقتصادات العالم حيث يوفر ملايين الوظائف وشارك بنحو 213 مليار دولار من الناتج المحلى فى الشرق الأوسط ووفر أكثر من 6 ملايين وظيفة.

وأشار إلى أن «كورونا» أصاب العالم بشلل تام وتسبب فى خفض أعداد المسافرين من 4.5 مليار مسافر خلال 2019 حول العالم إلى 1.6 مليار مسافر تقريبا فى 2020.

ولفت إلى أن الاتحاد وبمشاركة الجهات الدولية ذات الصلة جمع كل المعلومات من دول العالم أثناء ذروة كورونا، وأعد دراسات اقتصادية مالية للأثر المالى السلبى على شركات الطيران بسبب هذه الأزمة.

وقال إن الاتحاد يضم حوالى 300 شركة طيران حول العالم، موضحا أن الخسائر التى تعرض لها القطاع بسبب كورونا هى الأكبر فى تاريخه.

أسعار الفائدة

وأضاف «البكرى» أن قيام البنك الفيدرالى برفع أسعار الفائدة بشكل تدريجى خلال الفترة الأخيرة لن يكون تأثيرها سلبى على قطاع الطيران والنقل الجوى بنفس مستوى الآلام التى حققتها جائحة كورونا .

وأوضح أنه من الطبيعى تأثير رفع أسعار الفائدة على معدلات التكلفة بشركات الطيران لكن مستويات الإقبال الكبيرة على السفر وفتح الحدود الدولية قد تعوض ذلك وبالتالى امتصاص الآثار المترتبة.

ووصف تأثير أسعار الفائدة على القطاع بأنها «وقتية» مشددا على حاجة الصناعة إلى ضخ مزيد من السيولة من جانب الحكومة والبنوك والمؤسسات المالية.

100 مليار دولار دعما للقطاع.. وترجيحات بتراجع خسائر الشرق الأوسط من 4.7 إلى  1.9 مليار دولار بنهاية العام

 86 شركة أغلقت أبوابها فى 2021 2022-.. والتوقعات كانت تشير إلى معدلات أكبر

آسيا تفرض قيودا صارمة على السفر وترجيحات بانحسار خسائرها إلى 8.9 مليار

الدعم الرسمى اتخذ أشكالا متنوعة مثل ضخ الأموال والإقراض وتأجيل الضرائب والالتزامات

خطوط الطيران أثبتت مرونتها فى ظل الأحداث الأخيرة

 38 بلداً لديها سياسات للوقود المستدام.. وإجراء أكثر من 450 ألف رحلة جوية باستخدام «SAF»